الاكتئاب الشتوي ليس مرضا نادرا، فهو يحل ضيفا علي 20% من البشر في العالم خاصة في البلدان الواقعة شمال
الكرة الأرضية، وتقل نسبته كلما انتقلنا جنوبا، وإذا كانت هناك أسباب عديدة للإصابة بالاكتئاب والأمراض
النفسية أهمها الاستعداد الوراثي أو البطالة التي تقف سببا وراء أمراض العديد من الشباب المكتئبين.
أو بسبب الضغوط النفسية والعصبية التي نتعرض لها في حياتنا اليومية،
فإن الكآبة الشتوية حين تصيب هؤلاء المكتئبين لأسباب أخري، فإنها تدفعهم نحو الانهيار، ويرجع ذلك إلى قلة
الضوء الذي يتعرض له الإنسان في فصل الشتاء بسبب التغيرات المناخية والغيوم والأمطار.
وهذا النقص في قلة كمية الضوء التي يتعرض لها الإنسان تؤدي إلى خلل في مستوي هرمون الميلاتونين الذي
تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ خلال فترة الليل، وهذا الهرمون يلعب دورا مهما في تنظيم الساعة البيولوجية
الداخلية للإنسان وكان العلاج بالضوء هو أكثر العلاجات نجاحا مع ما بات يعرف بالاكتئاب المناخي أو الشتوي
الذي يبدأ مع الشتاء وينتهي بدخول الربيع والصيف
أما عن أعراض المرض فيصفها الدكتور أحمد عكاشة قائلا: تختلف أعراض اكتئاب الشتاء من شخص لآخر، إلا
أن أعراضه الغالبة عادة ما تبدأ بالإحساس الشديد بالكسل، وقلة النشاط، والإرهاق، وصعوبة القدرة علي التركيز
وتذكر المعلومات، والميل الدائم والرغبة الملحة في النوم والإكثار من تناول النشويات والحلويات وبالتالي زيادة
الوزن، وكذلك ثقل اليدين والقدمين، والشعور بعدم الأهمية وفقدان القيمة الشخصية والميل نحو العزلة والبعد عن
المجتمعات، والتفكير في الانتحار، إذا لم يتدارك حالته ويتلقي العلاج اللازم.
(اذا نحن اما مشكلة او ظاهرة واذا نظرنا اليها بعمق اكبر نجد اننا نحن السبب في تفاقمها وليست الطبيعة وحدها
هي المتهمة. العادات السلوكية السيئة التي طرأت على المجتمعات تلعب دور كبير في تفاقم هذه الحالة من
الاكتئاب فنحن للأسف غيرنا في الفطرة الانسانية حولنا الليل نهار والنهار ليل ... الاستيقاظ في وقت متأخر من
النهار وابقاء نوافذ المنزل مغلقة او وضع الستائر ذات الاقمشة الثقيلة لمنع تسرب الضوء ..فقدان الحميمية في
العلاقات الاجتماعية والانغلاق على النفس وكأننا نسينا ان ديننا الحنيف يحث على التزاور وصلة الرحم هذا
بالاضافة الى العادت السلوكية الخاطئة وتشبع غذائنا بالنشويات والسكريات والدهون والمنبهات ،)
إن الوقاية من اكتئاب الشتاء أفضل من علاجه، وتلك الوقاية تتمثل في ضرورة الحرص علي التعرض لأشعة
الشمس طوال أيام الشتاء، وعندما يكون الطقس ملبدا غائما معتما يجب الخروج إلى الهواء الطلق خاصة في
الساعات الأولي للنهار، وعدم الإفراط في تناول النشويات والسكريات والمنبهات كالقهوة والكولا التي تزيد
بدورها من وزن الإنسان وعصبيته وتوتره، وتجنب الأطعمة الغنية بالدهون، والاستعاضة عن الدهون واللحوم بتناول
الأسماك خاصة أسماك التونة التي ثبت أن لها دورا كبيرا في تحسين الحالة النفسية للمكتئبين.
والأهم من كل ذلك هو أن نودع حالة أهل الكهف التي تلازم الكثيرين طوال فصل الشتاء، وألا ندع برودة الطقس
تحول بيننا وبين ممارسة الرياضة بانتظام والتي تحسن بدورها من الحالة النفسية والبدنية للشخص، والاختلاط
بالناس والتحدث إليهم مع ضرورة اتباع نظام رياضي وغذائي طوال أيام الشتاء وحتي مطلع الربيع.
لماذا لانجعل فصل الشتاء فرصة لشحذ الطاقات الفكرية؟ فأذا كنا نعاني من فترت الليل الطويلة وحالة الهدوء التي
تسيطر على اجواء البيت ..لما لانجعل منها اجواء مناسبة للقراءة او ممارسة الهوايات سواء الفكرية او المهارية
ليكن هذا الفصل موسما لتجديد هذا النوع من المهارات ستمر فترة الساعات الاولى من الليل دون ان نشعر بها
وعلينا ان لاننسى ان نتماشى مع الطبيعة ننام مبكرا ونتعايش مع اجواء الصباح الممتعه المشرقه بدف شمسها
وروعة انغامها