قال تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة : 179] وكانت العرب قبل الإسلام تقول : القتل أنفى للقتل ، فجاء الإسلام ليعلن بما هو أبلغ وأعلى (القصاص حياة)، أقول هذا بعد أن استفحل القتل الإجرامي والاستهتاري بحياة أناس أبرياء على أيدي بعض المجرمين الذين لا يردعهم سجن ولا عزل ، ولكن يردعهم الحل الإلهي بالقصاص. قبل أيام فوجئ أهلنا في غزة من عائلتين محترمتين ( دلول وفورة ) بما قام به المجرم محمد دلول من قتل لأنسبائه من آل فورة ، حيث أطلق النار عشوائياً على آل فورة مما أدى إلى مقتل اثنين، وإصابة آخرين منهم إصابة خطيرة لعل الله يسلمها بإذنه سبحانه وتعالى، وألقي القبض على المجرم الذي لم يتورع من استخدام السلاح ضد أهله وشعبه ومواطنيه، هذا السلاح الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا لحماية الشعب ، إلا ما كان على يدي الزمرة المجرمة الفاسدة في بعض الأجهزة الأمنية السابقة ، والتي خلصنا الله سبحانه وتعالى منها في حسم يونيو 2007م على يدي حركة المقاومة الإسلامية حماس وأبنائها الأبرار . ويضاف إلى هذه الجريمة جريمة أخرى حيث نكبت قبل أيام عائلة حسان بمقتل ابنها جبر نمر حسان رحمه الله ، ومن بعده تم العثور على جثة المواطن عطا مراد في منطقة جحر الديك . ولم يتوقف القتل على الذكور ، بل تعداه إلى الإناث، حيث أقدمت فتاة – من إحدى مدن الضفة الغربية - لم تتجاوز العقد الثاني من عمرها على خنق الطفل محمد ( 7 سنوات ) بمنديلها ووضعته في كيس ثم ألقته على قارعة الطريق، لا لسبب سوى أنها اكتشفت أن من أحبته – وهو عم الطفل المغدور- ينوي الزواج من أخرى، أرأيتم كيف وصل الاستهتار بحياة أطفال لا ناقة ولا جمل لهم في قضية حب ماجن بين فتاة أوصلتها الغيرة إلى أن تخنق طفلاً بريئاً ، له صلة قربى بمن تدعي أنها تحبه ، وكان ينوي الزواج منها . ألهذا الحد يصل الأمر إلى أن تزهق أرواح الأبرياء بكل استهتار . ثم لماذا لا ينفذ حكم الله قصاصاً في القاتلين ؟! ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يقدم على هدم بنيان الله في الأرض وهو الإنسان بعض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه . ما دام المجرم قد اعترف بجريمته ، وقام بتمثيلها كما نفذها ، ولم يكن له عذر ، لماذا لا ينفذ حكم الله ( القصاص ) في هؤلاء المجرمين ، بعد أن يتبين للقضاة أن الجناة المجرمين لم يكن لهم عذر ولا أي سبب لارتكاب جريمتهم المنكرة ؟ وهكذا يرتاح أهل الجاني وأهل المجني عليه ، دون أن تكون هناك إخراجات لأهل الجاني من بيوتهم ، والانتقال إلى مكان آخر ، حيث النساء والأطفال ، والمدارس والعيادات وهذه مما لا يستغني الناس عنها بحال ، ويتدخل رجال الإصلاح لإقناع أهل المجني عليه أن لا دخل للنساء ولا الأطفال في الجريمة ، وربما يقتنعون بعد أشهر لإعادة النساء والأطفال بعد أن يكونوا قد أصابهم العنت الشديد ، من جراء مجرم مستهتر بحياة الناس ، فالأصل ألا تبقى هذه القضايا في المحاكم إلى عدة أشهر ، إلا إذا كان هناك مشتركون فارين من وجه العدالة ، فينتظر حتى يلقى القبض عليهم . أما هؤلاء يودعون في السجن ويطعمون ويسقون وأهلوهم يذوقون العذاب والعنت من جراء ما اكتسبته أيديهم ، فما ذاك بإنصاف . ويجب أن يعلم من ينتقدون إقامة حد القصاص على هؤلاء المجرمين بعد أن تتوفر لهم كل ضمانات المحاكمات العادلة هو الحل لمثل هذه الحالات التي تشمئز منها النفوس ، وتقشعر منها الأبدان . إنهم فقدوا كل معاني الإنسانية ، فيجب ألا تأخذنا بهم رأفة ولا شفقة ولا رحمة في تطبيق دين الله ، وإقامة حد الله في الأرض وهو خير للناس كل الناس من أن يمطروا أربعين صباحاً مع ما في المطر الطاهر الخير الصيب من نفع للعباد والبلاد . أخرج الإمام النسائي رحمه الله في سننه أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" حَدٌّ يُعْمَلُ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا ثَلَاثِينَ صَبَاحًا ." وفي رواية له عند الإمام ابن ماجة في سننه والإمام أحمد في مسنده :" حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا." صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .