لن أتحدث عن لوحات لبيكاسو او ليوناردو دفنتشي ..... سأتحدث عن لوحات
رسمت بالدم .... وريشة شهداء ..... تفرقوا في الحياة وجمعهم الموت
.... وكان المشهد الأول ...... أكثر من مئة جثة تحضن بعضها البعض وتواسي
نفسها بهذا الموت ......... كانت هناك شوارع جميلة وأزقة وشجر ورصيف
........اقتربت سيارات الإسعاف لم تعرف الطريق إلى هناك ........ هذا
المكان أصبح مجهول ... مجهول تماما ........تغيرت المعالم .............
طفلة تحضن أختها الشهيدة ونصفها الأخر ليس معها ....... نصف في الموت ونصف
في الحياة .......... مذهولة أنها مازلت حية بين ركام بيتها ... وفي أحضان
فراشها الدافئ ... فجأة وجدت نفسها في العراء وناس كثر وإخوتها شهداء
.......جميعا شهداء ......... وفي مشهد أخر مسجد أصبح ركام ... لكن مئذنته
واقفة شامخة ومؤذن يعلو صوت الأذان من فوق الركام ........بل ومشهد حين لا
تحزن العائلة على شهداءهم فيموتوا جميعا ......... فلا حزن ولا يحزنون
..... حالهم حال بعض ......... قطة صغيرة بين الركام كانت تلهو مع صديقتها
الشهيدة ماتت هي أيضا ......... طفلة أخرى لم يبقى من جسدها سوى رأسها
لتدفن وهي حية ......... صور ناجي يروي : هربت وهناك من نزفوا حتى الموت
وأخريين مصيرهم مجهول ..........جثث متحللة داستها الدبابات ..... كثيرا
كثيرا هي الصور ............لكن أقسى شيء جثة طفل يعبث بها كلب .......
ونعرف كم هي الجثث التي أكلتها الكلاب ...... كلاب تقتل وكلاب تاكل .....
غزة الشامخة حزينة .... حزينة جدا ..... آلم لن ينسيه الدهر شيئا ....
سيبقى وصمة عار ..... عندما يبكي الرجال ..... الرجال في غزة بكوا كثيرا
.... فيا حسرت الأمهات ...... أم ذهبت لتلد باغتها صاروخ شق نصفها الأسفل
.... لكن وضعت مولودها الجميل ..... لتموت بعدها مطمئنة ...... مدرستي
كانت هناك فلاذ بها المهجرون الجدد ..... لاحقهم الموت فيها ...... الدماء
سالت على سبورة الصف ..... ومقعد الدراسة ...... ليبقى هذا التاريخ دهر
الأبد نعلمه لأجيالنا عن الصهيونية ..........لا تحزنوا كثيرا فلم يبقى
شيئا تحزنوا عليه ..... شوارع خالية تماما ..... ظلام دامس ..... رائحة
الموت .... بيوت بلا سقف .... برد قارس لا يسمع سوى صريره ..........
مدينة أشباح ..... يشرق عليها فجر جديد .... يتفقد سكانها بعضهم بعضا
..... ويطمئنوا على من بقي حيا ... ويدفنوا الشهداء بصمت ...... مشهد يومي
لغزة .... قصص سنبقى نرويها للتاريخ عن هولوكوست غزة ........... ويبقى
شرف هذه المدينة مقاومتها الباسلة وشهدائها الأكرم منا جميعا وجرحاها و
الصامدون فيها ينتظرون قدرهم ولي الشرف ان أكون منهم ..... استودعكم على
أمل اللقاء إن بقينا أحياء .