الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على النبي الأمين , وبعد:
أثنى الله – تعالى – على نبيه, ووصفه بقوله:"وإنك لعلى خلق عظيم" فكان إماماً نعم المثال للخلق القويم , رفيقاً بالخلق, مشفقاً عليهم, محترماً لحقوقهم, معيناً لهم فيما يحتاجون إليه, إضافة إلى كونه مرغباً لهم في حسن الخلق, مثنياً على أهله, باذلاً النصح والوصية لهم فيه, كما لاننسى حكمته البالغة في تقويم أخطائهم, بل كان الحبيب –صلى الله عليه وسلم – يرفع أكف الضراعة إلى ربه_تعالى_ قائلاً:"اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عني سيئها لايصرف عني سيئها إلا أنت .."
أيها الأحبة ! لا غرابة أن يولد هذا المنهج جيلاً كان مضرباً للمثل في الأخلاق العالية, كما قال تعالى:"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً...",أي : يمشون بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار , ولا تكون هذه المشية كمشية المرضى تصنعاً ورياءً .
ولقد اتصف أفراد ذلك الجيل بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة, والآداب الجميلة, من ذلك حسن معشرهم مع والديهم, وجميل برهم بآبائهم وأمهاتهم حتى أتعبوا من جاء بعدهم .... فهذا أبو هريرة _رضي الله عنه _ يقول: خرجت يوماً من بيتي إلى المسجد , فوجدت نفراً, فقالوا:ما أخرجك؟ قلت: الجوع , فقالوا:ونحن ما أخرجنا إلا الجوع, فقمنا فدخلنا على رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ فقال:" ما جاء بكم في هذه الساعة؟ فأخبرناه, فدعا بطبق فيه تمر فأعطى كل رجل منا تمرتين.....فقال:كلوا هاتين التمرتين, واشربوا عليهما من الماء فإنهما ستجزيانكم يومكم هذا,فأكلت تمرة وخبأت الأخرى, قال: يا أبا هريرة لم رفعتها؟ قلت لأمي,قال:كلها فسنعطيك لها تمرتين ", وما كان أبو هريرة يحج نفلاً حتى ماتت أمه لصحبتها
وقد جاء التحذير الشديد من عقوق الوالدين وإغضابهما, فقد جاء في الحديث أن ثلاثة لا يدخلون الجنة من بينهم العاق بوالديهم... لهذا كان لزاماً على الأب المسلم أن يحمي أولاده من هذا العقاب الشديد عند الله, بأن يربيهم تربية حسنة , فيعرفهم حدود الله, وأسباب غضبه ومقته, ويساعدهم ويعينهم على بره
قال الغزالي-رحمه الله- في آداب تربية الأبناء :"يعينهم على بره, ولا يكلفهم من البر فوق طاقتهم, ولا يلح عليهم في وقت ضجرهم, ولا يمنعهم من طاعة ربهم, ولا يمنن عليهم بتربيتهم " الأدب في الدين ص56-57.
مما سبق تبين عظم حق الوالدين , ووجوب الإحسان إليهما خلافا لما شاع وانتشر في الأزمنة المتأخرة والله المستعان
وليس بعامر بنيان قوم ********* إذا أخلاقهم كانت يبابا